عزيزى القارئ :
هل أنت من محبى الشعر جدا !؟
هل تعرف من هو محمد عبد المعطى الهمشرى !؟
فعندما نتحدث عن حياة شاعر فلابد أن نكون على دراية بشخصيته وقدرته الذهنية ومشاعره لكى تتبلور أمام أعيننا شخصيته الأدبية بكل معطياتها من محيط نمت فيه وتربة أخصبته لكى تعبر صورته عن أفكاره ومشاعره .
وشاعرنا - الهمشرى - من مواليد السنبلاوين . دقهلية . مصر
وهو ينتمى إلى المدرسة الرومانسية فى الشعر الحديث ، وإذا قرأنا شعره نستطيع إن نصفه بشاعر الطبيعة المصرية
حيث يصور ما يجيش فى نفسه من ذكريات وما يضطرب فى قلبه من صور لماض سحيق مختزن بالتهاويل والأشباح .
لذا فإننا نلمس تأثير المأثور الشعبى فى شعره حتى لنجد فى قصائده مشابهة فى المحور والموضوع والمذهب بينها وبين الموروث الشعبى حتى من أيام الفراعنة
وإلى حد تعبير أستاذه العقاد عندما تحدث عن السليقة الإبداعية المصرية التى تميز خصائص الروح المصرية فى الصميم
التى تتردد بين طرفى المزاج المصرى من الكآبة الساهية والمرح الراقص
فأنت تبطئ فى إنشادها فتغلبك الكآبة ، وتسرع فى الانشاد فيغلبك المرح وأنت فى حالتى الابطاء والإسراع مستسلم للنسيان ، راغب عن ملابسة الواقع المملول "
وإلى جانب شعر الرومانسية كان الشعر الفلسفى الدينى ميدان تجديد آخر وفيه ينتقل الرومانسى من وصف منظر أو حلم أو قصص إلى التساؤل عن مصير الإنسان والإنسانية ، وعن الحياة والموت وعن المسائل الخلقية والاجتماعية .
وتندرج تحت هذا النوع من الشعر القصائد الطويلة التى يطلق عليها الدكتور غنيمى هلال " الملحمة الفلسفية "
التى تندرج تحتها قصيدة " شاطئ الأعراف " للهمشرى التى كتبها ولم يتجاوز العشرين من عمره القصير
وهو يصور فيها رحلة خيالية قام بها بعد أن شرب كأس الفناء وحملته سفينة الذكريات إلى شاطئ الأعراف الخيالى حيث تستقر عنده الألحان بعد شتات وتلوذ به الأرواح بعد طواف ، وساكن سكونا أبديا ، ليس فيه شئ جميل سوى الثلوج البيضاء فوق الصخور ، ويصطحب معه فى رحلته ربة الشعر ، ويشاهد سفن الموت وهى تسرى إلى شاطئ قبر الليالى
وهو هيكل عليه من المنايا شحوب يلوح فى الأفق وله فتحة تمضى منها مثوى الأحقاب بعد تمام ، ومقر الأجيال ، ونهاية كل شئ ...... ثم يسود السكون والعدم
عـنـدما خــدّر الفنـــاء شكـــاتى ..... وسقــانى كــؤوسه المنسيــات
بعـث الشعـــر من لدنـه نسيمـــا ..... فائـــح العطــر طيب النغمـات
هــز قلــع الصبـا فأيـقظ فكــرى ..... فهـفـت بى سفيــنة الذكـــريات
فى خضم الأفكارتطوى بى الوقـ ..... ـت وتهفو إلى ضفاف الحيـاة
* * *
كلمـاحـاولـت لهــنّ رجــــــوعا ..... دفعتــها اللجـّات منهــا إليــها
رقصت فى شراعها الريح حتى ..... حطمتـــه وحطمت دفـتـيـــها
رحمــة منــك يــا ريـاح ورفـقا ..... ودعيـــها ومن يـنــوح عليـها
فلــه فى الحيـــاة كالبــــرق آما ..... ل تساريـه فى دجى شاطئـيها
***
تـرمـق الشاطئين من خلل الدمـ ..... ـع حـزيـــنا فـلا يكــاد يـبـيـن
غير نـور يلوح كالومض شقت ..... فوقه السحب فهو فيها كـنـين
وسنا يزدهى عليه كلون الطيف ..... م كاب على الدجى موهــون
هو جبّ الذيــن قــد ذكــــــروه ..... وشجاهم بعد الفراق حنيــــن
***********************************
المصدر : الرؤيا الإبداعية فى شعر الهمشرى
د / عبد العزيز شرف